محاكم التفتيش الاسبانية بين الماضي والحاضر

محاكم التفتيش الاسبانية هي و بإختصار شديد عبارة عن محاكم تابعة للديوان المقدس لمحاكم التفتيش الإسبانية ، و قد تم تأسيس محاكم التفتيش الاسبانية مِن قبل الملوك الكاثوليك إيزابيلا الأولى و فرناندو الثاني سنة 1478 بموافقة صريحة و مباشرة مِن البابا سيكستوس الرابع ، و مِن الجدير بالذكر ان مهمة محاكم التفتيش الاسبانية هي المحاظفة على العقيدة الكاثوليكية في كافة أنحاء إسبانيا ، و يجب العلم أنه و فيما بعد أصبحت محاكم التفتيش الاسبانية أكثر موضوعية عن محاكم التفتيش المسيحية الرومانية و البرتتغالية.

تعرف على:

مصر وإثيوبيا وتاريخ الصراع على النيل في خط زمني منذ أواخر القرن 19

أهداف محاكم التفتيش الاسبانية

أهداف محاكم التفتيش الاسبانية
أهداف محاكم التفتيش الاسبانية

خلال القرن الثاني عشر كانت محاكم التفتيش الاسبانية معارضة للمسلمين الذين تم إجبارهم على التنصر و أنذاك تمت تسمميتهم بالموريسيين و لهذا فإن أغلبية محاكم التفتيش الإسبانية التابعة للملوك كان يتم إنشائها في مدن الأندلس الجنوبية ، لكن و فيما بعد شملت المحاكم اليهود ، و في الفترة بين نهايات القرن الرابع عشر و بدايات القرن السادس عشرر ظهر لمحاكم التفتيش الإسبانية عدو جديد و هو البروتستانت و هم أشخاص فيما بعد تم إحراقهم أحياء كهراقطة.

كما كانت محاكم التفتيش الإسبانية مسئولة عن محاكمة اليهود المتحولين إلى المسيحية و متهمين بأنهم لا يزالون يُمارسون اليهودية في السر.

قد يهمك:

بحث عن الجذر النوني و تاريخه و كل ما يجب معرفته عن الجذر النوني

بعض الإحصائيات

منذ تم تأسيس محاكم التفتيش الاسبانية في القرن الثاني عشر قامت هذه المحاكم بمحاكمة حوالي 150 ألف حالة و قد حكمت بالإعدام بشكل موثق على ألفين شخص في الفترة بين القرن  الثاني عشر و القرن الخامس عشر ، و في الفترة بين 1530 و  1630 حكمت بالإعدام على ألف شخص ، و في الفترة بين 1630 و حتى تم إلغاء محاكم التفتيش الاسبانية رسمياً سنة 1834 حكمت بالإعدام على 250 شخص.

طرق التعذيب التي إتبعتها محاكم التفتيش الاسبانية

طرق التعذيب التي إتبعتها محاكم التفتيش الاسبانية
طرق التعذيب التي إتبعتها محاكم التفتيش الاسبانية

كانت محاكم التفتيش الاسبانية تتبع مجموعة مِن أخطر طرق التعذيب المعروفة في العصور الوسطى ، كما تسببت محاكم التفتيش الإسبانية في إزهاق ألاف الأرواح باستخدام التعذيب.

و مِن الجدير بالذكر أنه و مِن طرق التعذيب التي كانت تتبعها هذه المحاكم ملء بطن الشخص بالماء حتى يختنق ، و سحق العظام بإستخدام بعض الألات الضاغطة ، و تمزيق الأرجل ، و فسخ الفك ، و الضرب بالأسياخ المحمية على النار ، و حتى ربط يدي الشخص المتهم و راء ظهره و ربطه بحب حوال راحتيه و بطنه و بفعه و خفضه مرة تلو الأخرى ، و في بعد الأحيان يتم ربطه بعدد مِن الأثقال.

قد يهمك:

بحث عن الاقليات الاسلامية في افريقيا

انتشار محاكم التفتيش الاسبانية

في القرن الثالث عشر تمكنت محاكم التفتيش الاسبانية مِن القضاء على العدو الخطير الذي كان يُعرف أنذاك باسم الكاثاريين و قد و طدت هذه المحاكم لسلطة الكنسية و البابا.

إلا أنه و فيما بعد تقلد منصب الباب عدد مِن الرجال المعروفين بالفساد و سوء إستخدام المناصب السياسية ، و هذه لم تكن العقبة الوحيدة التي تواجهها محاكم التفتيش الاسبانية ، حيث أنه لم يفت الكثير مِن الوقت ثم إنتشر الطاعون الأسود و الذي لم تتمكن المحاكم مِن تقديم أي تفسير له سوى إلقاء اللوم تارة على اليهود و تارة على الساحرات و هي تفسيرات لم تلقى الكثير مِن الإقناء فبالرغم مِن مطارة اليهود و الساحرات إلا أن الطاعون لم يتوقف أو يتباطأ حتى.

وهذه ليست كل العقبات التي و اجهتها محاكم التفتيش الاسبانية حيث فجأة و دون سابق إنذار بدأت مرحلة الأنوار في الظهور و مِن ثم العلمانية و النزعات القومية ، و حركة الإصلاح البروتسانتية و مارتن لوثر كينج و هي كلها عقبات تسببت في ظهور مرحلتين جديدتين تماماً ممِن مراحل محاكم التفتيش ، و هي مرحلة محاكم التفتيش الإسبانية سنة 1478 و حتى سنة 1834 و مرحلة المحاكم الرومانية سنة 1542.

و فيما يخص المحاكم الإسبانية فقد إمتازت إسبانيا عن أوروبا بأنها أرض المسيحية فتحتها و تنتشر فيها بقوة حيث تم إجبار عدد مهول مِن المسلمين و اليهود على إعتناق المسيحية.

وبالرغم مِن أنه تم إجبار اليهود و المسلمين على إعتناق اليهودية دون طواعية إلا أن قادة المسيحية تشكوا كثيراً في نوايا هؤلاء الأشخاص و أقاموا المحاكم على نحو أكثر قوة و عنفاً مما سبق ، و مع ظهور مارتن لوثر بألمانيا و بدء الطباعة ظهر خوف جديد مِن اللوثرية و بالتالي إزدادت محاكم التفتيش الاسبانية عنفاً ، و أخيراً و في العام 1834 و صل الليبراليون و أنهو العمل في محاكم التفتيش الاسبانية مرة و للأبد.

أما المحاكم الرومانية فقد كانت تُعاني مِن خطرين أصعب مِن بعض الأول هو ضعف المحاكم و سلطة الكنيسة و الأخر هو لوثر ، مما دفع الكنيسة الكاثوليكية الرومانية لمحاولة منح المزيد مِن السلطة للمحاكم و هذا عبر منحها الحق في منع الكتب و حرقها ، و منح البابا حق المراقبة على المحاكم.

و مع بداية ححرب الثلاثين عاماً و حينما تم إعادت تشكيل أوروبا لم تنجح محاكم التفتيش الرومانية في الصمود و لكنها لم تختفي مرة و للأبد و إنما تم تغيير اسمها سنة 1908 و أصبح اسمها الجديد هو مجمع العقيدة و الإيمان و أصبح هذا المجمع تابع للفاتيكان و سلطاته محدودة للغاية لا تُمارس سوى على المنتمين للكنيسة فقط.

الخلاصة: بدأت محاكم التفتيش الاسبانية كرمز للقوة المطلقة للكنيسة و قدرتها الغير محدودة على نشر الخوف في كل مكان ، و بالرغم مِن تمكن هذه المحاكم مِن تشكيل تاريخ العالم بأسره لما يقرب مِن السبع قرون  إلا أن الأمر إنتهى بها إلى مجمع مقددس يرمز لإنحصار دور الكنيسة و سلطتتها ، و بين البداية و ما ألت إليه الأمور الان يوجد تاريخ طويل مِن التعذيب و الترهيب و الحروب الشرسة.

تعرف على:

اهم العيون المائية في المملكة العربية السعودية

سبب وجود محاكم التفتيش الإسبانية مِن الأساس

سبب و جود محاكم التفتيش الإسبانية مِن الأساس
سبب وجود محاكم التفتيش الإسبانية مِن الأساس

في القرن الرابع عشر ذاع صيت الديانة الكاثوليكية للغاية و بخاصة في الغرب الأوروبي ، كما نمت عدد مِن الحركات و الأراء المخالفة لهذه الديانة الجديدة ، و في العام 325 أعلن الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول تحوله إلى المسيحية و قد إعتمد المعتقد الذي كانت تُمثله الكنيسة أنذاك على أنه المعتقد الرسمي للبلاد و الممثل الوحيد للإمبراطورية و المسيحية على حداً سواء.

و مِن هنا بدأ التهديد الحقيقي للأراء المعارضة و بدأ إستقرار الإمبراطورية يتزعزع ، و لهذا فقد تم إصدار عدد مِن القوانين الرسمية ضد المخالفين و قد لاقت هذه القوانين تأييد اللاهوتيين مثل القديس أوغسطين ، و القديس أوبتاتوس ، و حتى الأن كانت كافة القوانين و الأراء مبننية على الحرمان الكنيسي أي أنه المخالف للديانة الرسمية للبلاد سوف يتم إعلانه مطروداً مِن مملكة الرب و يُمكن أن تؤخذ في حقه عدد مِن الإجرائات التقويمية فقط.

قد يهمك:

بحث عن السياحة في المملكة العربية السعودية وأنواعها

ومع مرور الوقت تلاشى الخوف مِن الحرمان الكنيسي نظراً لضعف إجرائاته التقويمية ، مما تسبب في ظهور الكثير مِن الجماعات و تصريحها بمخالفتها للمعتقدات الرسمية للكنيسة دون تردد أو خوف مما دفع البابا جريجوري التاسع لتقديم فكرة محاكم التفتيش الممنهجة و التي و للمرة الأولى تتمتع بأليات عقابية ، و لم يكتفي بالفكرة و إنما حول هذه الفكرة إلى قانون رسمي و هنا كانت بداية ظهور محاكم التفتيش الاسبانية.